قراءة بنيويّة سيميائيّة لشخصيّة يونس- عليه السّلام- القرآنيّة، وجماليّات المكان في القصّة القرآنيّة

الملخص

إنّ سيميائيّة الشّخصيّة الأدبيّة، هي إحدى فروع السّيميائيّة اللّغويّة والّتي تمهّد الطّريق لتسليط الضّوء على الشّخصيّة بشكل أكثر عمقًا ودقّة لكشف الزّوايا الكامنة فيها. والقرآن الكريم كأبرز وأروع النّصوص الأدبيّة، يحمل في طيّاته علامات لغويّة هائلة، كما أنّ الشّخصيّات العديدة الّتي ذكرها القرآن الكريم مباشرةً تعتبر علامات مهمّة من العلامات اللّغويّة. ومن الجدير بالذّكر أنّ يونس عليه السّلام، من الشّخصيّات المهمّة الّتي وردت في القرآن الكريم، وهنا تأتي دراستها باتّجاه سيميائيّ تؤدّي إلى كشف ما تحمله هذه الشّخصيّة من المعاني والمفاهيم والدّلالات.
لقد قامت هذه المقالة بدراسة شخصيّة يونس (ع) من منظور سيميائيّ على أساس نظريّة "فيليب هامون" السّيميائيّ الفرنسيّ، حيث درست شخصيّة يونس (ع) من ناحية الدّال (الاسم، والدّور النّحويّ، والضّمائر، والبعد البلاغيّ)، ومن ناحية المدلول (الصّفات والأفعال).
وأثبتت أنّ هناك تناسقًا بين اسم يونس (ع) والأوصاف الّتي يحملها وبين أدواره في القصّة القرآنيّة، فكأنّ القرآن يهدف إلى عرض الشّخصيّة القرآنيّة عامّة، وشخصيّة يونس (ع) بصفتها أنموذجًا ورمزًا لكيفيّة الإيمان بالله تعالى في مختلف الظّروف.
وقد تناولنا أيضًا في بحثنا جماليّات المكان في قصّة يونس (ع)، وأثبتنا أنّ للمكان دوره السّيميائيّ والفعليّ في خلق السّرد، إذ للسّرد التّخييليّ دورٌ في إضفاء خصوصيّة للفضاء الحقيقيّ الّذي يأوي الشّخصيّة القرآنيّة، وهي بدورها تتحرّك وتتبأّر وفقًا للمكان الّتي تأوي إليه في رحلتها. وقد قسّمنا نوعي المكان؛ المرجعيّ والعجائبيّ إلى أماكن آمنة وأخرى مخوفة، وتحقّقت دائريّة المكان بما يناسب تحوّلات الشّخصيّة في رحلتها عبر محطّاتها المختلفة؛ وبالتّالي فقد تساوت أماكن الأمن والخوف مع أفعال الشّخصيّة. فالمكان بكلّ جماليّاته تحوّل إلى دالّة على مزايا الشّخصيّة، ووُسمت أفعالها بصفات المكان الّذي حلّت فيه وتمازجت معه، في تحوّلاتها الدّعويّة وصولًا إلى الثّبات والاستقرار والنّجاة في النّهاية.