الإبداع الإبلاغيّ في النصّ البلاغيّ - سورة التكوير نموذجًا

الملخص

لكل سورة قرآنية خصوصية تختلف عن غيرها، فسورة التكوير تتناول حقيقتين من العقيدة في شقين: الأول يبدأ من مطلع الآية ونهايات الآيات (1-14)، ويتحدث عن يوم القيامة وما يصاحبه من انكماش كوني هائل وسقوط ما حوله من أشياء وكائنات. والملاحظ أن المقطع الطويل المفتوح (C V V) لم يشكل سوى (8.06%) من المقاطع، بينما كانت نسبة المقطع القصير المفتوح (C V) أعلى من (56.45%)، ونسبة المقطع القصير المغلق (C VC) لامس (35.48%). كل ذلك مصور بما يشبه الموسيقى المصاحبة، وخفة المشهد الدرامي والثورة الهائلة التي تقلب كل شيء رأسًا على عقب وتنشره، فتُفاقم الاستقرار وتُعذب الضعفاء بإيقاعها السريع. يبدأ الجزء الثاني من الآيات (15-29)، ويؤكد صدق النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ ربه، ويبين أن القرآن أُرسل هاديًا ونذيرًا للعالمين إلى يوم القيامة.

وجدنا أن الفواصل الختامية في الآيات الأربع الأولى التي تتناول حقيقة النفخة ودور النبي صلى الله عليه وسلم، وخصائص المخاطبين، تنتهي بالمقطع المغلق (CVC) بصوت الصاد المتفجر (S) وهو صوت احتكاكي سنخي صامت ذو صفير أخف وأقل حدة من صوت الصاد المتفجر (t) الشديد الذي يُستخدم في فواصل آيات الجزء الأول ليناسب الموقف. من ناحية أخرى، انتهت الآيات الأخيرة بالمقطع الطويل المغلق (CVVC) بصوت (M) و، مسبوقًا بـ (Ya) و (Waw) مجهورتين خفيفتين وهما (Ya) و (Waw) وهما منسجمان مع الوضع الثالث: الإقناع باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن والوحي، والتي تتناغم مع انخفاض الأصوات القوية من (24%) في الجزء الأول إلى (20%) في الجزء الثاني. وقد ظهر تأثير الإيقاع واضحًا من حيث المستوى المعجمي أو المستوى الصرفي أو من حيث التراكيب النحوية وكذلك ظهرت صفات أصواته ومخارجها. ثم اتضح أن لإيقاع الأصوات المستعملة المجهورة وغير المجهورة في المقاطع (المفتوحة أو المغلقة؛ القصيرة أو الطويلة) دلالة. بالإضافة إلى ذلك، لا شك أن للصيغ الصرفية (القواعد أو المشتقة، والمجهولة أو المبنية) تأثيرًا دلاليًا وصوتيًا، وخاصة في القراءات القرآنية المختلفة.